one two three ... viva l'algerie

البلاغة عند الجاحظ

24/09/2009 16:43

البلاغة عند الجاحظ

كتاب في الذاكرة..البيان والتبيين للجاحظ



مؤلف كتاب «البيان والتبيين» هو «ابو عثمان عمرو بن بحر» الذي كنّي بالجاحظ لجحوظ عينيه، والذي يعتبر كبير أئمة الأدب في العصر العباسي، وقد عمّر الجاحظ نحو تسعين عاماً (775-868 ميلادية) وترك لنا كتباً كثيرة يصعب حصرها، وان كان «البيان والتبيين، الحيوان، البخلاء» اشهر هذه الكتب.


ولد الجاحظ «بالبصرة» وتوفي فيها، درس في «البصرة» و«بغداد» واطلع على جميع العلوم المعروفة في عصره.


يعد كتاب «البيان والتبيين» اشهر كتب «الجاحظ» واكثرها تداولاً واعظمها نفعاً وعائدة، فيه تخرج كثير من الأدباء، واستقامت ألسنتهم على الطريقة المثلى، فهو استاذ اجيال متعاقبة من المتأدبين، وهو شيخ جماعات متتابعة ممن صقلوا ذوقهم بصقال «الجاحظ» ورفعوا فنهم بالتأمل في فنه وعبقريته حتى قال «ابن خلدون» عند الكلام على علم الأدب: «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم ان اصول هذا الفن واركانه اربعة كتب هي: ادب الكاتب لابن قتيبة، كتاب الكامل للمبرد، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها».


يتحدث «الجاحظ» في البداية في تعريف البيان، وساق في ذلك انواع الدلالات البيانية، من اللفظ والاشارة، وعقد ابواباً لمدح اللسان والبيان، وصنع موازنة بين لغة العامة والحضريين والبدويين، ونوّه تنويها بصحة لغة الاعراب في عصره، وروى مقطعات من نوادر الاعراب واشعارهم ولم ينس ان يسوق في صدر كتابه، طائفة من الآيات التي تنوه بشأن البيان والبلاغة، ثم يعيد الكرة في الحث على البيان والتبيين وهو لا يغفل ان يتكلم في مخارج الحروف، ويبين اثر سعة الشدق وأثر اكتمال الاسنان او نقصها في البيان، وكذلك اثر لحم اللثة، وكذلك اثر سقوط الأسنان.


ويعقد باباً للحروف التي تدخلها اللثغة، ويبين اي لثغة أشنع وايها اظرف ولعل الذي دفعه الى ذلك، ما كان معروفاً من لثغة «واصل بن عطاء المعتزلي» وقد حاول «الجاحظ» ان يعتذر له، وان يجعل من هذا النقص الذي كان «واصل» يتغلب عليه، كمالاً وعبقرية.


ويروي «الجاحظ» في كتابه هذا، طائفة من اخبار البلغاء والخطباء والفقهاء والامراء، ومن جمع بين الخطابة والشعر كما انه عقد باباً للصمت والحث عليه، ويحكي اقوال المعارضين لاصحاب الخطابة والبلاغة الذين يفضلون الصمت كما يخصص ابواباً في مديح اللسان.


ولكنه لا يرضيه هؤلاء ولا اولئك، بل يرى ان كلاً منهما قد جنح الى غير الصواب، وان الصواب والخير كله في اصابة القدر من الكلام، وان تكون الألفاظ والمعاني اوساطاً بين بين.


كما عني «الجاحظ» في كتابه «البيان والتبيين» بفن الخطابة عناية خاصة ولا غرو، فالخطابة دعامة من دعائم الدعوة وكان المعتزلة يلجأون الى الخطاب والجدال في تأييد امرهم، وبيان مذاهبهم ومقالاتهم ويرسم للخطابة ادباً يستحسن فيه ان يقتبس من القرآن الكريم والشعر كذلك يبين ما ينبغي في اتباعه في ضروب من الخطب، وما تتطلبه الخطابة.


ويتعرض «الجاحظ» للشعر لأن الشعر وسيلة من وسائل البيان، ومعرض من معارض البلاغة، وله ميسم يبقى على الدهر في المدح والهجاء، وله اوزان لابد منها، ولابد من القصد إليه، فمن جاء كلامه على وزن الشعر، ولم يتعمد هو هذا الوزن، فليس كلامه بشعر، فقد ورد في القرآن الكريم، وفي الحديث الشريف، كلام موزون على اعاريض الشعر، ولكنه لا يسمى شعراً.


وللشعراء رسوم خاصة، وقد كان بعض ابيات الشعر سبباً من اسباب تسمية الشاعر، والشعر خير الوسائل لتخليد الانتاج الفني «فما تكلمت به العرب من جيد المنثور، اكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره».


وعقد «الجاحظ» باباً لذكر النسّاك والزهّاد من اهل البيان، وآخر لذكر القصاص، كما روى طائفة من كلام النسّاك ومقطعات من كلام القصاص.


كما خصص في الجزء الثالث من الكتاب، باباً كبيراً في الزهد، ساق فيه مواعظ كثيرة، و«الجاحظ» بين الفينة والاخرى يوشح كتابه بالجيد المتخير من النثر والشعر، ولا سيما في الجزأين الثاني والثالث، فمنها ما يكون شاهداً لما يبغي ان يدعمه ويؤيده من قضايا البيان، ومنها ما يرويه ليكون للحفظ والمذاكرة وقد روى طائفة من مختارات: المراثي، الخمريات...


كذلك روى كثيراً من أقوال الاعراب ونوادرهم وطائفة من أدب بني العباس ومجموعة من قصار الخطب وطوالها

منتدى الثانوية
للخلف

ابحث فى الموقع

جميع الحقوق محفوظة لمنتدى المعلومات 2009 ©عين مليلة/أم البواقي